2010-11-21

! سأنطلق بصاروخ " احلام طفولتي " - 1/ 40 حياة




" ليس لك من حيلة في تغيير ما معك من كروت , ولكن كل ماتستطيع أن تفعله هو أن تتعامل معها بشيء من الحكمة "
راندي بوتش ,,

ليس وكأن الأمر سهلا... أود أن أكون موجودًا .. حتى .. حتى ماتبقى لي ..
قد قُدّرت حياته بأشهر معدودة ..الكوكب يدور بسرعة اكبر كل يوم ..
هذا ماشعرتُ به ..

أول لقاء ( زجاجي ) لي معه كان في برنامج ( أوبرا) صدفةً .. وهو يلقي تلك المحاضرة ..وفي نهايتها : " هل علمتم ما الهدف الضمني ؟-(خداع الرأس ) كما يسميه - هذه المحاضرة لم تكن موجهة لكم .. بل هي لأطفالي الثلاثة !
لم أكن أعلم عما يتكلم ؟ ماذا قال ؟ فقد كان مقطعًا قصيرًا جداً ..
بدا شخص سليم جدًا حتى قالت ( أوبرا ): " ما شعورك بأن ما تبقى من حياتك بضعة أشهر ؟ "
 أما أنا فـ .. صدمة .. ثم ايتسامة !

last lecture .. last lecture
لطالما سمعت باسم هذا الكتاب وضعته في قائمتي .. ومن دون أن أعلم وجدته ينظر إليّ في مكتبة - قرطاسية بالأحرى - صغيرة بعيدة , مترجم .. بالتأكيد لم أتردد في أخذه .. حينما وصلت المنزل .. راندي بوتش ؟ لا يبدو الاسم غريباً قلبت الكتاب وجدت صورته ..
آه! هذا أنت ! سررت للقائك مرة أخرى أستاذ !

كل شيء في دماغك يناديك : لم تعملني بعد .. لم تقابلني كم اتفقنا .. لما لم يحن دوري بعد ؟
يصعب لك أن تفعل كل شيء في فترة زمنية قصيرة ..

حينما تم اختياره لكي يلقي شيء اسمه : المحاضرة الأخيرة .. وهي عادة يتم انتقاء شخص ما لكي يخبر الجميع كيف هو " مشوار حياته ؟" توجب عليه أن يختار فكرة محورية كي يتم الترتيب والتجهيز لمحاضرته ...
أ . بوتش ترك كل المصطلحات العلمية , الحاسوبية , الهندسية ... واختار : ( تحقيق أحلام طفولتك ! ) ..
لم يكن متكلّفًا في اختياره الاسم . فقد كان هذا أيضًا ( خداع الرأس ) هدفه الضمني : قيادة حياتك الخاصة ..

لم تكفيه تلك المحاضرة .. بمساعدة صديقه جيفري زاسلو كتب هذا الكتاب

" إنني " لمحظوظ " نعم غريب أن أطلق هذا الوصف على نفسي وأنا في موقفي هذا , ولكنني أشعر بالفعل بأنني محظوظ نوعًا ما , حيث لم أتعرض للإصطدام بحافلة تودي بحياتي على الفور , فإصابتي بالسرطان منحتني من الوقت ما يكفي "

مجمل كتابه يدور حول : ( تحقيق أحلام طفولتك , المغامرات والدروس المستفادة و مساعدة الآخرين على تحقيق أحلامهم )
ماهي أحلامه ياترى ؟ يذكرهم وبكل فخر :
* عدم التأثر بالجاذبية
* اللعب في فريق كرة القدم ( الأمريكية )
* كتابة مقال في موسوعة العالم
* أن أكون مثل الكابتن كريك
* الفوز بالدمى الضخمة
* أن أكوّن عالماً افتراضيًا في ديزني

*عدم التأثر بالجاذبية ( حلمي- انا أيضاً- البعيد وربما التخيّلي  ) من أسهل الأحلام التي حققها برغم العوائق التي حصلت له بعد أربعة عقود من الزمن تمكن من ركوب طائرة انعدام الجاذبية من خلال برنامج يهدف إلى جمع أفكار وآراء الطلاب الجامعيين . نجحوا في الفوز بتلك الرحلة  وهو آنذاك استاذا حتى صُدم بجدار خرساني : لا يحق للمشرفين مطلقًا السفر مع طلابهم !كان مستعدًا لأن يعرض كرته الرابح .. قرأ كتيبات الرنامج بتمعن ووجد أنه يحق للصحفين من مسقط رأس الطلاب ان يشاركوا في الرحلة ! فتحول إلى : صحفي مؤقت!

*اللعب في فريق كرة القدم الأمريكية حلمه الذي أراد ان يحققه بشدة فهومن عشّاق هذه الرياضة . ويحكي لنا تجربته مع المدرب الصارم الضخم : جيم جراهام ..
" كنا نتدرب دون كرة , وبعد صبر وطول صمت نطق أحد الأطفال بلساننا قائلاً : " أيها المدرب معذرة إننا نتدرب دون كرة "
فأجابه المدرب : " لسنا في حاجة إلى كرة "
وساد الصمت الملعب , بينما نحن نفكر فيما قاله المدرب . ثم تحدث المدرب مرة أخرى يسألنا : " كم عدد لاعبي كرة القدم الأمريكية الذين يشتركون في المباراة ؟ "
فأجبناه قائلين : " أحد عشر لاعبًا في كل فريق , بمعنى أن مجموع الفريقين هو اثنان وعشرون لاعبًا "
فطرح علينا سؤالاً آخر : " كم عدد اللاعبين الذين يلمسون الكرة ؟ "
فأجبناه : " لاعب واحد فقط "
فقال : " حسنًا , سنصب تركيزنا في التدريب إذاً على هؤلاء الذين لا يلمسون الكرة " "
درس جميل جدًا .. الأساسيات والأساسيات ثم الأساسيات وإلا فإنك ستفشل في عمل الأشياء الأخرى

كان يضغط عليه كثيرًا .. هكذا .. كلا ليس هكذا .. خطأ أعد مرة أخرى ..
" و أخيراً عندما طردت من التمرين , جائني مدرب مساعد يهدئ خاطري وقال لي : " أثقل عليك المدرب جراهام في التمرين , أليس كذلك ؟ "
وبالكاد خرجت مني كلمة : " بلى "
فأخبرني المساعد قائلاً : " هذا شيء عظيم , لأنك عندما ترتكب خطأ وتفتقد توجيه الآخرين , يدل هذا على أنك أصبحت خارج دائرة اهتمامهم " وقد أصبح هذا الموقف درسًا لي طوال حياتي . "
ولي أيضاً شكرًا لمشاركتنا هذا الدرس ..

* كتابة مقال في موسوعة العالم ..
كُتُبْ موسوعة العالم التي اعتاد أبويه أن يجمعاها كانت ويكيبيديا زمانه ! أراد بشدة أن يكون أحد كتّابها .. والطريف أنه أراد أن يطلبوه هم لكي يكتب لهم لا أن يرسل لهم أنه يود ذلك ! والعجيب أنهم فعلوا ذلك : " هل تحب لنا أن تكتب نبذة عن الواقع الافتراضي ؟ "
حرف الـ v ( الذي يشير إلى الواقع الافتراضي ) يوجد فيه مقاله وحينما يذهب إلى المكتبة مع ابنائه يرغب بشدة أن يتنبه أولاده إلى مقال والدهم ! .. كما انه أخبرنا أنه لم يعد يظن بأنه هذه الموسوعات أفضل في المصادر والجودة من ويكيبيديا الآن !

 *لا أعرف من هو ( كريك ) ؟! لست وحدك في هذا ! فهو من أبطال الستينات في  ( starship ) أو ( Star Trek )
اختار راندي بوتش : (كريك) . من بين السيد (سبوك) المساعد الأول صاحب الأفكار السديدة و الدكتور( ماكوي) صاحب العلوم الطبية حتى عام 2260 و (سكوتي )المهندس الرئيسي الماهر في كيفية تشغيل السفينة .. لأنه كان يتمثل في شيء اسمه ( القيادة ) الملم بكثير من الأمور الفتى البطل الذي يتغلب على خصمه بمهارته القيادية وهو -كما يعتقد - السبب الحقيقي في كونه مدرسًا وزميلًا وزوجًا جيدًا من خلال مشاهدته ! تحمست لمشاهدة المسلسل وبدأت بالفعل في البحث  عن روابط لتحميله وهو شيء لم أكن اتوقعه مني أبدًا ! فـ مطر أسرع من البرق في هروبها عن كل شيء تتعلق أفكاره عن المستقبل والآلات و الفضاء ... الخ وأقصد بـ ( كل شيء ) كل شيء !

*الفوز بالدمى الضخمة .. لديه مهارة فريدة من نوعها .. حصد عشرات الدمى الضخمى حتى اُتهم بأنه يدفع اموالًا من أجل ذلك أو يُقال له بأننا في عصر التحكم بكل شيء فمن الممكن أنك ركّبت وتعبّثت بالصور تقنيًا !
شعور حمل تلك الدمى التي تقارب حجمك والجميع ينظر إليك هو شيء أتمنى أن يحصل لي يومًا ما ....

*العالم الافتراضي .. وما ادراك ما هو ! شُغف بهذا العالم .. مهنته كبروفيسور جامعي تتمحور حول هذا العمل .. يعشق كل ما يتعلق بالحاسوب و كل مايتعلّق به ! قصصه معها ملأت الكتاب وطريق طويل للوصول إلى ديزني ( مقر أحلامه ) بعالمه الافتراضي .. قصص مثيرة وتجارب رائعة مع طلابه .. دروس يتعلّمها منهم ويعلّمهم أياها !

 -----------------
مرضه لم يوجد بين يوم وليلة .. مرّ بعدة مراحل وشفي منه بعد أن أخذ علاج كيماوي قاسي جدًا أفقده 50 رطلًا وعمل جراحة خطيرة تم فيها اقتطاع المرارة وثلث البنكرياس والمعدة وجزء كبير من الأمعاء الدقيقة بدت النتائج أكثر من رائعة حتى عاد مزهوًا بعشرة أورام في كبده سلبت حياته وأبقت بأشهر معدودة رأفةً به .

آندي فان دام استاذه في علوم الحاسوب مولعًا به .. فحينما أراد يومًا مناصحته وضع ذراعه حول كتف راندي وقال : " راندي , عار عليك أن تكون في أعين الناس ذلك الشخص المغرور , فذلك سيحد من حجم الإنجازات التي في مقدورك أن تحققها في حياتك المستقبلية " هل شعرتم بحجم العبارة ؟

+ هناك لحظات رائعة برغم الحزن والألم الذي يحيطها ويغلّفها .. وهي التي لا أستطيع أن أضيف عليها شيئًا :

" قال لي ستيف إنه لا يزال عائدًا لتوه من عيادة طبيب الأسنان , فقمت أتباهى وأقول له لم يعد ينبغي علي يا صديقي أن أذهب لطبيب الأسنان بعد الآن مطلقًا "

" كلامها الذي حمل بين ثناياه إشارة ضمنية على أن حادثة عرضية قد تكون سببًا  في وجود إنسان على وجه هذه الأرض أو رحيله عنها , فقد لعبت المصادفة دورًا في أن تحمل هذه المرأة  بطفل لم تكن تتعمد أن تحمل به والذي سرعان  ما ستحبه بلا شك فور إنجابها له , أما أنا فلعبت المصادفة معي دورًا مختلفًا حيث أصبت بمرض السرطان وسأضطر للرحيل عن هذه الدنيا تاركًا ورائي أطفالاً سيحرمون من حبي "

+ بعض مبادئه التي يؤمن بها ..

" والت ديزني : لو استطعت أن تحلم , استطعت أن تحقق حلمك "

" سينيكا الفيلسوف الروماني المولود في العام الخامس قبل الميلاد : الحظ هو ما يحدث لحظة التقاء الفرصة باستعداد المرء لتلقفها "

" إن الخبرة هي الشيء الذي تفوز به عندما لا توفق في تحقيق ما كنت ترنو إليه "

" لو طُلب مني نصيحة موجزة في كلمتين " كن صادقًا " ولو زادت على حد الكلمتين سأضيف إليها : " في جميع الأوقات "  علمني والدي أنني " أساوي ما أنطق به من كلمات حسنة " وليس هناك من طريقة أفضل من هذه للتعبير عن هذا المعنى "

----------------------------

تمادى هذا الموضوع كثيرًا . هو السبب الرئيسي , الأول , الحقيقي والأعظم في التأخير .. إلا أنه يستحق هذا بجدارة ..
أود ذكر أني لم أكتب إلا القليل جدًا فهو قرابة 200 صفحة .. وفي الحقيقة انا لم أتكلم إلا عن الجزء الأول من كتابه وباختصار شديد وهي أحلام طفولته ...
انهيت قراءة هذ الكتاب في زمن قياسي خلال 4 ساعات تقريبًا .. شعرت بمتعة لا توصف .. لم أستطع مفارقته حتى أنهيته .. هل كان سيتخيل هذا عندما همّ بكتابته ؟ لم يكن منافقًا .. ولا متكلّفًا أو أو متباهيًا .. أراد فقط وضع تجربته الانسانية كأي إنسان آخر ..
هو لايأمل مالاً يرثه .. فهو ربما لم يحصده إلا بعد موته .. ولكن رغبته العارمة في أن يرسم نفسه( كيف هو) لأبنائه ..
ليست دروس تطوير الذات المملة .. بل دروس تعلّمها نشرها بعفوية ..
استطاع أن يترك أشياء في حياتي وهذا شيء عظيم جدًا !
أعلم أنه لن يصلك لكن , شكرًا لك أستاذي راندي  .. Randy Pausch (October 23, 1960 – July 25, 2008(

ودائمًا الأفضل يبقى آخر مايقال ..
" وهاهو رجل في سن الأربيعنات يعاني من مشاكل خطيرة في القلب , كتب لي يحدثني عن " كيشنامورا " أحد قادة الهند الروحانيين والذي توفي عام 1986 ’ يقول ذلك الرجل إن كيشنامورا سئل ذات مرة : ما أنسب النصائح التي قد تسديها إلى صديق قد دنا منه الموت ؟ فأجاب قائلاً : " أخبر صديقك أنه عندما يموت , سيموت أيضًا جزء منك أنت , وحيثما ذهب صديقك سيلازمه هذا الجزء , فطمئنه بأنه لن يكون وحيدًا في موته " , وفي رسالته البريدية التي أرسلها لي , كان يعيد هذا الرجل طمأنتي بقوله : " اعلم أنك لست وحيدًا " "

المصادفة الطريفة اجتماع الأضداد : فربما كان أول كتاب أثرثر عنه إلا أنه يحمل اسم : المحاضرة الأخيرة :)

| إذاً.. ماهي أحلام طفولتك ؟



ليست هناك تعليقات: